السبت، 1 أكتوبر 2016

قتلة يحميهم القانون

لازالت شجرة الطفولة في الجزائر تتناثر اوراقها و تتطاير بفعل رياح القتل و الاختطاف الذي تمارسه قلة من المجرمين أبت إلاّ ان تكتب اسمائها على منطوق الاحكام الصادرة عن المؤسسة العدلية.
قضية نهال ، فاروق ، هارون..و غيرهم من البراعم التي سُرق منها الحق في الحياة ، و سرق من اهاليها حق العيش في كنفها ، و حق القصاص من المعتدى عليها حرك المواطن الجزائري ومن وراءه حركات المجتمع المدني الى طرح موضوع امني لا يقل أهمية عن موضوع ما يسمى بالإرهاب طلبا للحل وسط تخبط السلطات التي تلعب دور التاجر المطفف الذي لا يسعى للعدالة التي يرمز لها الميزان المتحرك الذي لا يثبت الا اذا تساوت الكفتان.
لب المشكل ليس في قصور اجهزة التحقيق و اخفاقها في تتبع أثر الجاني ـ و ياليتها كانت كذلك ـ لكن المشكلة  تبدأ بعد الايقاع به ، ثم محاكمته محاكمة عادلة كما يسميها رجال القانون، ومن ثمة النطق بالحكم عليه نطقا يثير زوابع الانتقاد و عواصف السخط.
فالحكم المنطوق به لا يخرج عن وصفين أمرّهما حلو، إما الحكم بالسجن لسنوات في مؤسسات عقابية هي في الحقيقة اقرب الى الفنادق الفخمة المصنفة ثلاثة نجوم حيث الوجبات الدسمة ، و الأسّرة المريحة ، و الشاليهات الدافئة ، و قاعات الرياضة و كمال الاجسام ، ومتابعة قنوات الجزيرة المشفرة. و إما الحكم بالاعدام ـ مع وقف التنفيذ ـ في شكل مسرحية لا يعرف مخرجوها انّ " العيال كبرت" وان المواطن ليس ذاك القاصر الذي لم ينضج بعد.
والحل؟
بعد استفحال الظاهرة و عجز السلطة عن اتخاذ اي خطوة من شأنها التقليل من انتشارها في ظل عدم جدوى النظام العقابي في تحقيق اهدافه ، بادر صاحب كل ضمير حي الى التحرك ملوحا بالقانون و ليس بالعصى ، مطالبا بتفعيل عقوبة الاعدام من جديد و تنفيذه خاصة على منتهكي حقوق الاطفال ، و انّ التحجج بتجميد تنفيذها منذ سنة 1993 نزولا عند رغبة الأمم المتحدة و منظمات حقوق الانسان وان العقوبة تنتهك حق الجاني في الحياة ، ولم تعد مواتية لعقلية القرن الواحد و العشرين أمر لا مبرر له لأن الذين يموتون ليس اولاد بان غي مون  و لا اولاد اوباما أو هولاند.
و العيب الأكبر إذا لم تستجب السلطة للمطالب الشعبية ، فإنّها تكون بذلك قد ارتكبت جرما لا يقل عن جرم القتلة ، و المجني عليه هذه المرة هي الديمقراطية التي ترفع لواءها السلطة الموقرة ، فالنواب هم ممثلي الشعب ، و السلطة التشريعية التي يعمل بها النواب ليلا و نهارا ـ بلا نوم او راحة ـ  من صلب اختصاصاتها بث الحياة للقوانين ، و إمتناعها عن القيام بذلك هو قمة الخيانة لأمانتها ، وشعبها ولرسالة الديمقراطية التي تتغنى بها. لان الشعب هو الذي يريد.
وأما من يقفون سدا منيعا في وجه عقوبة الاعدام بحجة حماية حق الجاني في الحياة فندعوهم إلى الإجابة عن السؤال التالي: وماذا عن حق المجني عليه في الحياة !؟ أليس من العدل ان ننصف المجني عليه المغدور؟ ثم أليس من الممكن أن يكون حفظ حق الجاني في الحياة سبباً في ازهاق حياة أخرى من طرفه؟ ثم أليس في تجميدها تأمينا للجناة و خروجا عن الغاية العقابية؟ .

و بين مؤيد ومعارض لفلسفة العقوبة و الغاية منها نخلص الى ان بوابة العدالة مفتاحها التنفيذ ، و ان القانون الذي لا يطبق هو كحارس خزانة يعاني من شلل كلي ، يرى المجرم يعبث بمحتوياتها ولا يدافع عنها . و السلطة التي لا يأمن  الضعيف تحت ظلالها و يأمن الجناة من صولتها ، هي مشاركة بحق في ترويعهم و تحمي قتلتهم و قتلة أبنائهم.       

0 التعليقات:

إرسال تعليق