الاثنين، 12 ديسمبر 2016

دموع أمي الغالية ...!


ها هي السنوات تمضي مسرعة سرعة عدائيّ السباقات القصيرة ، تسابق أنفاسي في مضمار الحياة....و تُقلب صفحاتها التي أضحت بحجم كبير .... و كبرت بكبرها الآم والأحزان.... دخلت مرحلة الشباب العمرية مُثقلٌ بإلتزامات عدّة .... سيرتي الذاتية ذاقت بشهادات دراسية في مجتمع يُسبح بقدسية الدينار و حمد الدرهم ... كما أتشبع بغريبٍ اسمه الأخلاق .... و اُصاحب صديق مصاحبة الظل يسمونه الإفلاس .... يُشار اليّ بالبنان  مع كل روحة.... "هاهو داهية العصر" .... ثم خلسةً يضحكون و يُدونون سيرتي في قصائد الهجاء .... وربما قصوها على أطفالهم قبل نومهم و جعلوني فيها الذئب الذي إفترس جديان العنزات.
سئمت العيش في غربة الوطن .... و أكبر غصّة غربة الوطن.... ففكرت بالرحيل....  بعيدا عين أعين الشامتين.... فلربما يصفو لي العيش و تحلو الحياة التي عكرتها فلسفة البشر و سطحية الافكار.
تفقدت جواز سفري فوجدته يلتحف رداءاً من غبار.... نفضته ثم عانقته فلا أراه الاّ جسرا يوصلوني إلى جنة الأحلام ، حيث تُفتح لي أبوابها المزخرفة بلغة العجم ....ألٍّج فيها برفق...و بين أشجارها الباسقة تتلقف يدي يداً ناعمة .... صاحبتها فائقة الجمال ....شقراء كما في الاحلام... تجذب يدها  يدي .... ثم نجري سوياً في مروجها الخضراء.
بدأت في جمع الأغراض .... كم كانت خفيفة .... و ألوانها الباهتة تُضيّق بهجة الصدور .... أول مرة أتذوق الألوان و أكتشف بعد دهر أنّي لست صاحب ذوق فيها.
حلّت لحظة الإعلان.... و بخطىً متثاقلة تشبه خطى الأسير المقيد بأغلال حديدية دخلت.....ناديت أمي بصوت حزين متقطع ترافقه غصة في القلب.... و كعادتها جاءت مسرعة تلبي النداء و كأنّ بساط الريح يحملها "اي بني أطلب ، روحي فداك".... ارتعش لساني.... و بدأت معركة السيطرة عليه شبه مستحيلة.... و على حين غرّة من مشاعري قلت " أمي أريد الرحيل " .
ارتعدت ....ثم تسمرت... و أطبقت السماء على قلبها الرهيف !!!
تناولت يدها بلطف و رحت أشرح لها واقعي .... أنا جثة وسط الشامتين.... مُفلس في عيون الناقدين.... رقم بطالة  في سجلات المسؤولين.... لست فارس احلام تتمناه العاشقات .... بقائي موت و رحيلي حياة.... إقتنعت أو تظاهرت لا أدري ؟
دعت لي في شهادتي – و في الغيب كم انال من دعوات - .... قبلتها على ورأسها و يدها... وضممتها ضمة الوداع....و عيني تدافعها العبرات ...رافقني أخي الى حيث الباب.......إلتفت....و ياليتني ما ألتفت!.... رأيتها مُتسمرة ترمق خطايا بعين حزينة.... ودمعها الغالي ينسكب معلناً بداية قصة حزنها الذي لا ينتهي.


ابوعاصم الجزائري

0 التعليقات:

إرسال تعليق